الوسواس القهري
الوسواس القهري (Obsessive-Compulsive Disorder - OCD) هو اضطراب نفسي يتميز بوجود أفكار أو صور ذهنية غير مرغوب فيها (الوساوس) تدفع الشخص للقيام بسلوكيات أو أفعال قهرية (الطقوس) بهدف تقليل القلق الناتج عن هذه الأفكار.
خصائص الوسواس القهري:
الوساوس :هي أفكار متكررة، مزعجة أو مقلقة تطرأ على ذهن الشخص بشكل غير إرادي. قد تشمل أفكارًا مثل الخوف من التلوث أو الإصابة بالأمراض، أو الخوف من إيذاء شخص ما بشكل غير متعمد. تتسبب هذه الأفكار في قلق شديد وقد يعجز الشخص عن إيقافها.
الطقوس القهرية:
هي أفعال أو سلوكيات متكررة يقوم بها الشخص للتخفيف من القلق الناتج عن الوساوس أو لتجنب حدوث شيء غير مرغوب فيه.
قد تشمل هذه الطقوس غسل اليدين مرارًا وتكرارًا، أو التحقق من الأبواب أو الأجهزة بشكل متكرر.
الشخص الذي يعاني من الوسواس القهري يشعر بأنه مضطر للقيام بهذه الطقوس، رغم أنه قد يدرك في بعض الأحيان أن هذه الأفعال غير منطقية أو مبالغ فيها.
أنواعه
الوسواس القهري (OCD) يمكن أن يظهر بطرق مختلفة ويأخذ عدة أشكال، إذ تختلف أنواع الوساوس والطقوس القهرية من شخص لآخر. إليك بعض أنواع الوسواس القهري التي قد تظهر:
1. الوسواس القهري المرتبط بالتلوث والنظافة
- الوساوس: خوف مفرط من التلوث أو الجراثيم أو الأمراض.
- الطقوس القهرية: غسل اليدين أو الاستحمام بشكل مفرط، تنظيف الأشياء بشكل مستمر، تجنب أماكن أو مواقف قد تسبب التلوث (مثل مقابلة أشخاص أو لمس أشياء معينة).
2. الوسواس القهري المرتبط بالتأكد والتحقق
- الوساوس: خوف من حدوث شيء غير مرغوب فيه بسبب إهمال، مثل ترك الباب مفتوحًا أو ترك الأجهزة الكهربائية تعمل.
- الطقوس القهرية: التحقق المتكرر من الأشياء، مثل التأكد من إغلاق الباب، إطفاء الأجهزة الكهربائية، أو التحقق من القفل عدة مرات.
3. الوسواس القهري المرتبط بالأفكار العدوانية أو العنيفة
- الوساوس: أفكار غير مرغوب فيها تتعلق بإيذاء الآخرين أو النفس، مثل الخوف من إيذاء شخص دون قصد.
- الطقوس القهرية: محاولة إيقاف هذه الأفكار من خلال أفعال معينة، مثل العد أو تكرار كلمات معينة أو التأكد من أن الشخص لم يتعرض للأذى.
4. الوسواس القهري المرتبط بالنظام والترتيب
- الوساوس: الرغبة المفرطة في أن تكون الأشياء مرتبة بشكل مثالي أو أن الأشياء في مكانها الصحيح.
- الطقوس القهرية: ترتيب الأشياء بطريقة معينة أو إعادة تنظيمها عدة مرات حتى يشعر الشخص أن كل شيء في مكانه بشكل صحيح.
5. الوسواس القهري المرتبط بالأفكار الدينية أو الأخلاقية
- الوساوس: أفكار تتعلق بالذنب أو الخطيئة أو الشكوك حول سلوك الشخص من الناحية الأخلاقية أو الدينية.
- الطقوس القهرية: أداء الطقوس الدينية أو الصلاة بشكل مفرط، أو تكرار أعمال معينة للحصول على الشعور بالأمان الروحي.
6. الوسواس القهري المرتبط بالعدد والتكرار
- الوساوس: رغبة غير مفسرة في تكرار الأشياء عدد معين من المرات (مثل العد أو تكرار بعض الأفعال).
- الطقوس القهرية: القيام بأفعال معينة لعدد معين من المرات، مثل عد خطواتك أثناء المشي أو تكرار بعض الكلمات أو العبارات.
7. الوسواس القهري المرتبط بالأفكار الجنسية
- الوساوس: أفكار جنسية غير مرغوب فيها أو مشاعر جنسية تتناقض مع قيم الشخص أو معتقداته.
- الطقوس القهرية: محاولة إيقاف هذه الأفكار من خلال بعض الأفعال أو السلوكيات، مثل التفكير في شيء مختلف أو أداء طقوس معينة.
8. الوسواس القهري المرتبط بالاحتفاظ بالأشياء (التخزين أو التراكم)
- الوساوس: رغبة شديدة في الاحتفاظ بكل شيء، حتى الأشياء التي لا قيمة لها.
- الطقوس القهرية: تجميع الأشياء بشكل مفرط، مثل الاحتفاظ بالأشياء القديمة أو جمع العديد من الأشياء التي لا يتم استخدامها.
9. الوسواس القهري المرتبط بالخوف من اتخاذ القرارات
- الوساوس: خوف من اتخاذ قرارات خاطئة أو الشعور بالندم بعدها.
- الطقوس القهرية: تجنب اتخاذ القرارات أو التحقق من الخيارات بشكل مفرط قبل اتخاذ قرار ما.
10. الوسواس القهري المرتبط بالتركيز على أفكار معينة أو "تشغيل الأفكار"
- الوساوس: أفكار متكررة تجعل الشخص يشعر أنه لا يستطيع التخلص منها، مثل التركيز المفرط على فكرة معينة.
- الطقوس القهرية: محاولة إيقاف أو إبعاد هذه الأفكار عن طريق التفكير في شيء آخر أو فعل أشياء معينة.
11. الوسواس القهري المرتبط بالتحكم
- الوساوس: رغبة في التحكم في كل شيء حول الشخص، مثل الخوف من فقدان السيطرة.
- الطقوس القهرية: قد تشمل محاولات مستمرة لضبط كل موقف بدقة، أو وضع خطط تفصيلية ومفرطة.
12. الوسواس القهري المرتبط بالشكوك
- الوساوس: الشك المستمر في الأمور التي يبدو أن الشخص قد قام بها بشكل صحيح، مثل الشك في قفل الأبواب أو غسيل اليدين بشكل كافٍ.
- الطقوس القهرية: إعادة القيام بالأفعال مثل التحقق أو غسيل اليدين مرارًا وتكرارًا.
ملاحظات:
- يمكن أن تتداخل بعض الأنواع مع بعضها، والشخص المصاب قد يعاني من أكثر من نوع واحد في نفس الوقت.
- الأعراض يمكن أن تتفاوت في حدتها، من معتدلة إلى شديدة، وقد تؤثر بشكل كبير على الحياة اليومية للشخص.
أعراض الوسواس القهري:
الوساوس :أفكار أو صور ذهنية مزعجة لا يستطيع الشخص التخلص منها، مثل:
- خوف من التلوث أو الجراثيم.
- خوف من فقدان السيطرة أو إيذاء شخص ما.
- أفكار دينية أو أخلاقية غير مرغوب فيها.
سلوكيات أو أفعال متكررة مثل:
- غسل اليدين بشكل مفرط.
- التحقق المستمر من الأشياء (مثل التأكد من إغلاق الأبواب أو الأجهزة).
- ترتيب الأشياء بشكل معين.
- العد أو تكرار الكلمات.
الأسباب:
السبب الدقيق للوسواس القهري غير معروف، ولكن هناك عدة عوامل قد تلعب دورًا في حدوثه:
- العوامل الوراثية: قد يكون هناك استعداد وراثي للإصابة بالوسواس القهري، حيث يمكن أن يكون هناك تاريخ عائلي للاضطراب.
- التغيرات الكيميائية في الدماغ: يمكن أن يؤدي خلل في المواد الكيميائية في الدماغ، مثل السيروتونين، إلى ظهور الأعراض.
- العوامل البيئية: بعض التجارب الحياتية مثل الضغوط النفسية أو الصدمات قد تساهم في ظهور الأعراض.
العلاج:
لحسن الحظ، هناك العديد من طرق العلاج التي يمكن أن تساعد في التعامل مع الوسواس القهري:
العلاج النفسي :
- العلاج المعرفي السلوكي (CBT): يعد هذا العلاج الأكثر فعالية في علاج الوسواس القهري. يعتمد على تعليم الشخص كيفية التعرف على أفكاره الوسواسية وتغيير الأنماط السلوكية المرتبطة بها.
- التعرض ومنع الاستجابة (ERP): نوع من العلاج السلوكي المعرفي الذي يتضمن تعريض الشخص للمواقف التي تثير وساوسه دون السماح له بإجراء الطقوس القهرية.
- الأدوية التي تؤثر على مستويات السيروتونين، مثل مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، يمكن أن تساعد في تقليل الأعراض.
- قد يتطلب الأمر استخدام الأدوية جنبًا إلى جنب مع العلاج النفسي لتحقيق أفضل النتائج.
في حالات الوسواس القهري الشديدة والمزمنة التي لا تستجيب للعلاج الدوائي أو النفسي، قد يتم اللجوء إلى إجراءات جراحية مثل التحفيز العميق للدماغ.
التعامل مع الوسواس القهري في الحياة اليومية:
- الأشخاص المصابون بالوسواس القهري يمكنهم أن يعيشوا حياة طبيعية إذا تم العلاج بشكل مناسب.
- من المهم أن يكون هناك دعم اجتماعي من الأصدقاء والعائلة وأن يتم تعلم استراتيجيات للتعامل مع الأفكار الوسواسية والسلوكيات القهرية.
إذا كنت تشعر أنك أو أحد المقربين يعاني من الوسواس القهري، فإن التحدث مع مختص في الصحة النفسية يمكن أن يكون خطوة هامة نحو العلاج.